المدخل : الاستجابة،
الموضوع: فقه الأسرة: الطلاق؛ الأحكام والمقاصد :
الطلاق تعريفه وحكمه وشروطه :
تعريف الطلاق :
هو حل ميثاق الزوجية يقع إِثرَ قولٍ من الزوج معبر صراحةً عن إرادة منه.
ويقابله الخُـــلُــعُ الذي يقع من الزوجة بقرار من القاضي مُنْـبَنٍ على طلبها.
أحكام الطلاق :
تتناول الطلاقَ أحكامٌ ثلاثةٌ :
-
الكراهة، وهو الحكم الأصل فيه، أي الحكم الغالب وقوعًا ! لذا وجب الحذر من إيقاع الطلاق أيما حذرٍ.
دليله ما وري عن أنَّ الشيطان يفرح بالطلاق أكثر من فرحه بالقتل والزنا …
-
الجواز : بدليل جواز تراضي الزوجين على إيقاعه باختيارهما ورضاهما (فإن أرادا فصالا عن تراضٍ منهما وتشاور فلا جناح عليهما)(البقرة - 231).
-
الوجوب : وذلك إذا كان الاستمرار في الزواج مؤديًا إلى الاستمرار في معصية، أو سببا لها. ويجب عند هذه الحالة إيقاعه طلاقًا من الرجل أو خُـلْـعًا من المرأة.
تــنْـبيه : كثيرًا ما يوهم الشيطانُ الرجلَ أو المرأةَ بأنه أو أنها تعيش الحالة الثالثة (حالة وجوب الطلاق)، وحقيقة الحالة التي هما فيها إنما هي حالة (كراهة الطلاق)!
تطور الطلاق إلى فِرَاق:
-
قد يتطور الطلاق إلى فراق إنْ لم يقعْ تراجُعُ الرجل عنه قبل تمام العِدَّة، أو يستمر الزواج إذا وقع منه التراجع قبل تمام العِدَّة.
-
وفي الخُـلْع يقع الفراق بعد حكم القاضي، أو يقع التراجع عنه من المرأة قبله!
الاعتداد بالطلقة :
ويقع الطلاق في كل حالة من حالاته الثلاثة السابقة وقوعا مُــعْـتَــدًّا به سواء تطور إلى فراق أو وقع التراجع عنه… أي تُعدُّ الطلقةُ طلقةً في حساب الطلقات الثلاث التي لا يجوز بعدها للزوجين الزواج من بعضهما…
شروط الطلاق :
-
أن يقع بلفظ صريح مثل (لفظ الطلاق نفسه).
-
أن يكون اللفظ معبرا عن رغبة لا إكراه فيها وعن كامل الوعي.
-
أن يقع اللفظ من الرجل في طُهْر ٍلم يقع فيه جماع.
أنواع الطلاق والعدة :
تقسيم الطلاق باعتبار موافقته للسنة أو مخالفته لها (الطلاق السُّــنِّــي والطلاق البِدْعِـي) :
الطلاق السُّـنِّـــــي : ما وقع في طُهرٍ لم يقع فيه جماع.
الطلاق البِـدْعِــيُّ : ما وقع في غير الطهر، أو وقع في طهر بعد الجماع.
تقسيم الطلاق باعتبار الفراق إِثره :
-
طلاق رِجْعِـي : حالة التي تكون عليها العلاقة بين الرجل والمرأة في طلاق الطلقة الأولى أو الثانية قبل تمام العِـدَّة.
-
طلاق بائـِـن : وقوع الفراق فورا، ويكون في الحالات التالية:
-
عند الطلاق قبل الدخول، (وهو طلاق لا تكون فيه عِدَّةٌ أصلا)
-
وبعد وقوعِ الطلقة الثالثة،
-
أو إِثْــرَ حكم القاضي(الـمُـنْـبَـنِـي على خُـلْـع المرأة).
-
إذا وقع الطلاق الرجعي ومرَّت العدةُ كاملةً من غير مراجعةٍ من الزوج لزوجته صار طلاقًا بائنا.
-
بَــيْــنُونَة كبـرى : بعد الطلقة الثالثة (لا يجوز للزوجين الزواج بعدها ولو برضاهما… (إلا في حالة خاصة… ) ).
-
بَــيْــنُونَة صغرى : يجوز للزوجين الزواج برضاهما معا بعد وقوع الطلاق بعَـقْـدِ زواجٍ جديد.
أنواع العِدَّة :
التعريف العِدَّة هي مدة تـَمْكـثُها المرأة لا يمكنها الزواج فيها زواجًا جديدًا حتى تنتهي.
تتمة وتنبيه : (وقد تكون المرأة خلال هذه المدة في عِصمة الزوج الأول، أي تُعـدُّ زجته ويقع بينهما التوارث لو مات أحدهما خلالها: (حالة الطلاق الأول والثاني من الزوج)، وقد لا تكون خلالها في عصمته: (الطلاق الثالث، الخُلع)).
وهي خمسة أنواع:
-
عِدة الطلاق : ثلاثة أطهار.
-
عِدة الطلاق في سن اليأس، (سن اليأس يكون بعد انقطاع العادة الشهرية) : ثلاثة أشهر قمرية.
ملاحظة : يمكن للزوج في هاتين العدتين أن يراجع زوجته دون عقد زواج جديد، ما لم تكن الطلقة الثالثة.
-
عِدة الطلاق من خُـلْـع : ثلاثة أطهار، ولا يمكن للزوج ولا للزوجة المراجعة خلالها، (وبهذا تختلف هذه العدة عن عدة الطلاق العادي).
-
عِدة طلاق الحامل : إلى غاية الوضع.
-
عِدة المتوفى عنها زوجها : أربعة أشهر وعشرة أيام.
مقاصد الطلاق وآثاره على الأسرة والمجتمع :
هل للطلاق مقاصد؟
مقاصد الطلاق هي الأسباب والمنافع التي لأجلها شَرَعَت الشريعةُ الطلاقَ.
وتتمحور مقاصد الطلاق في تخفيف مضار الخطأ في قرار الزواج، على الزوجين وعلى الأبناء.
-
فلأن الزواج مُـعَـرَّضٌ لأن يقع الخطأ في قراره أو في تجربته، فلا يلزم عليه تأبـيد معاقبة الزوج أو الزوجة بسبب خطأ التقدير ذاك.
وإنما جاء تعسير الطلاق في الغرب والذي صار يُصدر إلينا بضغوط خارجية عن أصول ثقافة مسيحية تحرم الطلاق تحريما قاطعا.
فالمجتمعات التي تحرم الطلاق تماما قد تُــلْـجِــئُ أحدَ الزوجين إلى القتل للتخلص من الزوج الثاني، أو إلى الانتحار!
-
أو يظلان يعيشان حالة خصومة دائمة تحوِّل بيت الزوجية إلى محضن لتربية الأبناء تربية مشوهة.
-
وقد يكون الطلاق فرصة للزوج أو الزوجة في القيام بتجربة زواج أكثر نجاحا يترتب عليها نجاح أكبر في الحياة كلها، لكن لا يمكن أن يقع هذا المقصد إلا بقدر من الله لا بنية مسبقة من الرجل أو المرأة؛ لأن الأقدار عادة ما تعامل الماكرين بعكس مقاصدهم!
-
كما قد يكون الطلاق فرصة تجربة زواج من زوج جديد يكتشف فيها المطلق أنه المخطئ في الزواج الأول بعدما كان يظن أن الخلل في الطرف الآخر دائما، فأوقفه زواجه الثاني من زوج آخر على حقيقة نفسه!
-
وكثيرا ما يكون الطلاق فرصة لصحيح الزواج الأول بالعودة إلى الزوج نفسه بزواج جديد بعد خوض مرارة الفراق والوقوف على الخطأ الذي وقع منهما معا، فتكون تجربة الطلاق سببا لإعادة بناء الزواج السابق على أساس أكثر متانةً وقوةً.
آثاره السلبية :
إذا كانت مقاصد الطلاق هي تخفيف آثار الخطإ في قرار الزواج أو في تجربته، فإن للطلاق آثارا سلبية قد تكبر أو تتضاءل حسب قربه من هدي السنة أو بعده عنها.
-
فإذا كان قراره في حكم الكراهة فإن الزوج والزوجة يقع منهما الندم على اتخاذه لخسارتهما بعضهما.
-
وإذا كان التعنت في إجراءاته على خلاف هدي الشريعة فإن ذلك يوغر صدر الزوجين معا فتنبني عليه خصومة يصعب جدا بعدها عليها مراجعة بعضهما بزواج جديد.
-
وهذه الحالة الأخيرة قد تتطور إلى إضرار من أحد الزوجين أو منهما معا بالأبناء، وذلك عندما يتخلى أحدهما عنهم انتقاما من الزوج الآخر، أو يتعامل معهم على أنهم ورقة ضغط عليه.