المدخل : الاقتداء،
الموضوع: التشاور والتفاوض في سنة النبي صلى الله عليه وسلم :
نصوص الانطلاق:
1- "ما رأيت أحدا أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم".
(رواه أبو هريرة، وأخرجه الترمذي).
2- رُوِيَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا خاب من استخار، ولا ندمَ من استشار".
(أخرجه الطبراني)
3- محا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده موضع (رسول الله) من وثيقة صلح الحديبية، وقد رفض علي بين أبي طالب (الذي كان يكتبها) أن يمحوها.
(محاها بعدما سأل عن موضعها).
المفاهيم :
التشاور :
هو طلب الرأي من شخص أو مجموعة ناس في أمر يتعلق بالمشاور وحده، أو يتعلق بجماعة من الناس.
فإذا كان يتعلق أيضا بالناس المشاوَر معهم كان أمرُه آكَـد مصداقا لقوله تعالى : وأمرهم شورى بينهم().
التفاوض :
هو مناقشة المخالف في أمر عملي يحتاج إلى اتفاق بينك وبين المخالَف لإنجازه، ويكون بالإقناع بحل يرضى الطرفين معا عن طريق الفكرة المقنعة أو التنازل أو ممارسة الضغط.
من ضوابط مفهوم التفاوض:
-
أن يكون مع المخالف في قضية عملية تحتاج لإنجاحها إلى تعاون الطرفين المختلفين معا،
فإن كان في قضية فكرية محضة أو عملية لكن يتعلق فيها الطرفان معا في تنفيذها ولا يؤثر أحدهما على الآخر في ذلك سمي حوارا أو جدالا أو تناصحا ولا يُسمى تفاوضا.
الفرق بين مفهومي التشاور والتفاوض:
-
التشاور يكون مع الصديق الثقة والتفاوض قد يكون مع الصديق المنازِع في قضية كما قد يكون مع العدو المخاصم.
-
التشاور عزيمة وسنة مطردة في كل الأحوال، والتفاوض خيار حسن ومفضل، لكنه ليس مضطرا إليه دائما في كل حال!
التشاور قد يكون في أمر يتعلق بطرف المشاوِر وحده، وقد يكون في أمر يتعلق بالمشاوِر والمشاوَر معا، والتفاوض لا يكون إلا في أمر يتعلق بطرفين التفاوض معا.
-
المفروض في المشاوَر أن يراعي مصلحتَك أو مصلحتَكما معا إن كان الأمر المشاوَر فيه متعلقا بكما، وإن لم يراع ذلك كان خائنا، لكن المفاوَض لا يراعي إلا مصلحته وحده عادة، ولا يُتوقع منه غير ذلك، لأنه قد يكون عدوا صريحا!
فإن لم يكن عدوا وراعى مصلحتك أيضا فمن حسن الخلق ومن باب "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".
نماذج من تشاور النبي صلى الله عليه وسلم:
-
مشاورته الناس في اختيار ميدان معركة أحد بين المدينة وخارجها، وعمله برأي الأغلبية (رأي أن يكون الميدان خارج المدينة)، وعلى خلاف رأيه هو صلى الله عليه وسلم.
-
مشاورته زوجته أم سلمة في كيفية التصرف عند تباطؤ الصحابة في الاستجابة للتحلل من هديهم في الحديبية، فأشارت إليه أن يبادر هو بفعل ذلك، ففعل عليه الصلاة والسلام فتسارع الناس إلى التحلل من الهدي.
-
كان النبي صلى الله عليه وسلم يشاور حتى الأطفال…
نماذج من تفاوض النبي صلى الله عليه وسلم :
-
التسامح : محوه صلى الله عليه وسلم كلمة (رسول الله) من وثيقة صلح الحديبية إنما هو جريان على الوعي بمفهوم التفاوض، والمتحقق في حل عملي لنزاع عملي، وليس اتفاقا عقديا أو فكريا نظريا.
فالصحابة رفضوا محوها جريانا على العقيدة، والنبي صلى الله عليه وسلم قبل محوها جريانا على أن الموقف موقف حل نزاع لا موقف تنازل عن اعتقاد!م
مقاصد التشاور :
-
تسديد الرأي للفرد والجماعة مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم : (ولا ضل من استشار).
-
تشجيع الناس على العمل وعلى الحماسة له، في القضايا العامة سواء منها السياسية أو الاجتماعية، لأن شعور المشاوَر بمراعاة رأيه يقنعه بشراكته في الأمر ومن ثَم حماسته للعمل بمقتضياته.
-
تأليف القلوب ورص صف المسلمين بأن يشعروا بأنهم جميعا جسد كله لا استئثار فيه لجهة على حساب بقية الناس.