المدخل : القسـط،
الموضوع: الصبر واليقين :
الصبر واليقين ؛ المفهوم والتجليات :
مفهوم الصبر :
هو مقاومة النفس في رغباتها التي تُلجِئُ صاحبها إليها إلجاءً حاثا، عندما تكون هذه الرغبة متعارضةً دائما أو مرةً مع مطلوب العقل أو الشريعة.
مفهوم اليقين :
هو الإيمان الذي بلغ بصاحبه درجة لا يخالجه فيه شك.
قضايا متعلقة بمفهوم الصبر:
درجة الصبر وجزاؤه :
كلما قويت الرغبةُ المقاوَمَة كان الصبر أشد وكان الجزاء أجزل.
وأصل الجزاء في الصبر أنه فوق جزاء الحسنات المعتادة لأن فيه خروجا عن عادة النفس وعن توقعاتها.
﴿إنما يُـوَفَّـى الصابرون أجرهم بغير حساب﴾ (سورة الزُّمُــر - 10).
لماذا !؟
(ذلك لأن الحسنات هي في طبيعتها الأصلية أعمال جارية على مقتضى المتوقع وعلى مقتضى مصلحة النفس الموافقة، والصبر جارٍ على مقتضى لا تتوقعه النفس ولا تتمناه ولا يوافق طبيعتها ولا مصلحتها الآنية).
أنواع الصبر (تجلياته) :
-
الصبر عن المعصية : لأن للمعصية داعيا من النفس ينزع بها إليها من شهوة أو مصلحة عاجلة موهومة…
-
الصبر على الطاعة : لأن الطاعة تحتاج عزيمة في القيام بها أولا، وإلى مداومة في الاستمرار عليها؛
وكل من العزيمة والمدوامة يحتاجان إلى صبر ومقاومة لنزوع النفس إلى الراحة وترك التكليف.
-
الصبر على البلاء : والبلاء هو أنواع الألم التي تقع للإنسان في أمور دنياه، سواء كان ماديا محسوسا، أو شعوريا نفسيا.
والبلاء قد يكون مفاجئا غير متوقع، فيطلب الصبر فيه في اللحظة المفاجئة، حتى إذا مرت اللحظات الأولى فاتت فرصة الصبر! (موت الأقارب، فقدان المال…)، لأن البلاء في هذه الحالة يقل ألمه مع مرور الوقت عادة.
وذلك مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم : «إنما الصبر عند الصدمة الأولى!».
وقد يكون مستمرا لا يزال يشتد مع الزمن ويتضاعف، مثل حالات السجن (نبي الله يوسف) والمرض (نبي الله أيوب)، والفقر… فكلما طال الزمن في هذه الحالات كلما زادت الحاجة إلى قوة صبر ويقين.
قضايا متعلقة بمفهوم اليقين :
حصول اليقين :
يقع اليقين بسبيلين اثنين:
-
الإيمان الحاصل عن تأمل وتفكير لا يدع مجالا للشك.
-
أو تكرر الابتلاء العملي الذي يختبر الإيمان من خلال مواقف عارضة تتعارض مع حظ النفس العاجل، فيقع المرء حينها بين التسليم لإيمانه بمخالفة النفس في الموقف العارض، أو الانجرار وراء حظ النفس العاجل.
علاقة الصبر باليقين في الإيمان والعمل :
اليقين وقود الصبر، فلولا اليقين في الجزاء المترتب على الصبر لما كان صبر على البلاء.
والصبر يحصِّل الإيمانَ بأن يرفعه إلى درجة اليقين، وإنما جُعل البلاء مرقاة عملية لليقين.
الصبر واليقين أساس ثبات الإيمان :
أثر اليقين والصبر على النفس والمجتمع:
-
اليقين والصبر صمام أمان ضد الأمراض النفسية التي تترتب على البلايا والشدائد التي هي جزء من طبيعة الحياة الدنيا،
فبعدما يتضاعف المصاب ليصير مصابين، وقد يكون مصاب الإنسان في مضاعفات عدم الصبر على البلاء أشد من البلاء نفسه بدرجات، لذا كان المؤمن أكثر الناس حظا بصحة نفسية سليمة.
-
والصبر رزق دنيوي وأخروي معا، لأنه مفتاح النجاح في الأعمال العبادات، قال صلى الله عليه وسلم : [ما أُعطِيَ عبد رزقا أوسع له من الصبر]!
وقال أيضا: [عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصباته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له].
-
الاحتكاك بين الناس في الأسرة والمجتمع مفضٍ غالبا إلى وقوع عدم التوافقات في الطباع والمصالح، فيؤدي ذلك إلى النزاعات المتكررة، فكان الصبر على الأذى دواءً وعلاجا لأكثر مشاكل الناس بينهم وسببا مباشرا لنجاح لتكـتلات الناس المالية (الشركات والمؤسسات) والاجتماعية (الأسرة وأنواع القرابات)، من ثَم كان الصبر سببا مباشرا لإحلال السعادة والسلام معا في المجتمعات.