المدخل : الحكمة
الموضوع : الكفاءة والاستحقاق أساس التكليف - 2
مفهوم الكفاية والاستحقاق والعلاقة بينهما
مفهوم الكفاية:
وهي القدرة على أداء المهمة على الوجه المطلوب.
والكفاءة (أو الكفاية) قدرة ناتجة عن العلم والخبرة؛ فالعلم تعلمٌ وتكوين، والخبرة ممارسة وتطبيق.
والكفاية تتضمن القدرة على مواجهة المشاكل غير المتوقعة التي تعرض في مزاولة المهمة المكلف بها.
مفهوم الاستحقاق:
هي صفة يستحق بها المكلَّـف التكليف بالمسؤولية.
ويرجع أساس صفة الاستحقاق إلى ركـنين: الكفاءة والأمانة.
مصداقه قوله تعالى في سورة القصص: ﴿يا أبتِ اسْتاجِرْه، إن خيرَ مَنِ اسْتاجَرْتَ القويُ الأمين﴾، فالقوة هنا هي الكفاءة.
والاستحقاق يتضمن ضرورة الكفاية في الشخص المكلف بالمهمة، مع زيادة معنى تفوق المستحِق عند المقارنة بين مجموعة من الأكفاء.
لهذا كان الاستحقاق قرارا ناتجا عن الاجتهاد، ومؤديا إلى التكليف.
ولأن الاستحقاق قرار ناتج عن الاجتهاد احتاج إلى معيار ظاهر مناسب في اختيار المكلف، كالعلم بخبرته بالمهمة، أو تمكنه العلمي في ميدانها، أو الاختبار في مهاراتها.
وإذا عُمل بالمعيار الظاهر المناسب فقد أبرأ من مارس عمليةَ التكليفِ ذِمَّـتَـه!
ولا يتم الاستحقاق إلا بمعنى أساس يضمن بذل الكفؤ جهده في المهمة هو الأمانة.
لذلك كان مفهوم الاستحقاق تركيبا من أربعة معان:
-
الكفاءة،
-
والتفوق على الأقران،
-
ثم معيار تحديد التفوق.
-
ثم الأمانة
فيكون التعريف: الاستحقاق كفاءة المكلف للقيام بالمهمة كفاءةً تفوق بها على غيره تفوقا حُكِم به بناءً على معيار ظاهر، مع اتصافه بالأمانة الملحوظة بالتجربة والخلو من السوابق القادحة.
وأصل الاستحقاق حديث "…لا نولِّي هذا العملَ أحدًا سأله…" (نص الانطلاق الثاني).
مبادرة الكفء لخدمة الصالح العام
يجب على المؤمن أن يعِدَّ نفسَه لتحمل المسؤولية، بطلب العلم والتمهر بالمهارات، واكتشاف قدراته، لأن قدراته أمانة الله عنده فلزمه تنميتها بالاجتهاد الدؤوب.
ومن ثمرة إعداد النفس خوض غمار المباريات التنافسية التي يكون معيار النجاح فيها العلم والخبرة.
لكن ذلك لا يعني أن يفسح المجال لنفسه لأن ينظر للمسؤوليات العامة على أنها غنيمة فيدعو مطالبا بتوليته، ويتصرف بما يظهر أنه تشرب الحرص التنافسي عليها بحيث تصير شهوة النفس راجحة على المصلحة العامة، مصداقا للنص الحديثي "…لا نولى هذا الأمر أحدا سأله…" (نص الانطلاق الثالث).
أما قول يوسف المحكي في القرآن ﴿اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم﴾، إنما جاء بعد تكليفه تكليفا عاما بمهمة عامة، فاختار التي هو أقدر فيها وأمهر بها، بدليل مجيئه بعد ﴿قال المَلِك ايتوني به أستخلصه لنفسي، فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين﴾.