المدخل : الحـكــمة

الموضوع: العفو والتسامح :

المفاهيم :

مفهوم العفو :

العفو استشعار شعور المسامحة مع المسيء رغم الوعي بالإساءة والتألم منها، وعلامة صدقه عدم العقوبة عند القدرة.

ضابطُ مفهوميةِ العفو :

  • الوعي بالإساءة والتألم منها، فمن لم يتألم من الإساءة فلا معنى لعفوه أصلا!

  • قد يكون العفو ولو مع عدم القدرة على العقوبة، لأنه معنى قلبي، لكن القدرة تكشف صدقه من عدمه.

  • لكن هذه الصورة الأخيرة قد تلتبس مع العجز والتنازل عن الحق بسبب العجز والكسل، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله يلوم على العجز" قالها لمن كسل عن الدفاع عن حقه في محاكمة بسبب براعة خصمه في عرض قضيته!

مفهوم التسامح :

هو التنازل للـنِّـدِّ ولمن هو دونك، وعن قدرةٍ، عن بعض الحق الشخصي، تلطيفا للعلاقة وبناءً للثقة.

ضابط مفهومية التسامح :

  • النِّـدِّية، فلا تسامح مع من هو أقوى منك! لأن قصد تلطيف العلاقة وبناء الثقة ينعكس إلى خنوع واستسلام.

  • عدم التكرار للتسامح مع نفس الشخص ولنفس الشيء، لأن الغاية وعظ المتسامَـح معه بإلجائه إلى الحياء.

  • عدم تسبب التسامح في تمادي المتسامَح معه في الغَيِّ ومطالبته بما ليس له على أنه حقه!

  • ونستنتج أن التسامح لا يكون إلا مع مَن ظننتَ أنه سيفهم موعظتَك له فلا تنقلب عنده موعظة التسامح إلى ضدها.

  • إنما يكون التسامح عن شيء من الحق الشخصي، وليس عنه كله، وليس عن حق غيرك، أو حق عام، أو عن الدين لأجل إرضاء ذوق من يمقت مظاهر الصلاح أو يساومك على التنازل عليها!

العلاقة بين العفو والتسامح :

المعنى المشرك بين العفو و والتسامح :

منازعة النفس في رغباتها؛ إما بترك الاستئثار بمتاع الدنيا عند التسامح، أو بإسكات رغبتها في الانتقام عند العفو.

قد يجتمع العفو والتسامح في قضية واحدة :

وصورة هذه القضية تكون فيما لو نازعك شخص في حق، ثم أساء إليك عند المنازعة أيضا، أي إنه جمع عليك منازعتَك في حق لك، مع زيادة في الإساءة إليك عند المنازعة؛ بأن سَــبَّــك مثلا.

فعفوتَ عن إساءته لك في السُّباب، وتنازلت له عن ذلك الحق المتنازع فيه؛ فتكون جمعتَ له بين العفو والتسامح.

العفو والتسامح أساس نشر المحبة وتماسك المجتمع :

وذلك لما في العفو من الموعظة الصادقة البليغة والمؤثرة جدا على القلوب، مصداقا لقوله تعالى (ولا تستوي الحسنة والسيئة، ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم)().

والصورة التي تعرضها الآية هي غاية العفو، لأنها تُصورُ حالةَ أنْ لا تكتفي بالعفو المجرد عن الإساءة، بل بأن تكافئ مقترفَها بإهداء إحسان إليه لم يكن يتوقعه!

أما التسامح، فتشتد الحاجة إليه أكثر مع ذوي الأرحام ومع الجار، مع زيادة في الصبر على التمادي في العدوان ولو بعد التسامح في هذه الحالات بالذات، لأن القصد من التسامح تماسك المجتمع القائم على روابط الأسرة والجوار.